وزيرة الدفاع الإسبانية تُحذر الحزب الشعبي من توجيه اتهامات للمغرب دون أدلة من أجل "الاستغلال السياسي"
قالت وزيرة الدفاع الإسبانية، مارغريتا روبليس، أن الاتهامات الجديدة التي وجهها الحزب الشعبي الإسباني للمغرب بالوقوف وراء عمليات التجسس باستخدام برنامج بيغاسوس غير قائمة على أدلة، داعية إلى ضرورة توخي الحذر في إطلاق مثل هذه الاتهامات التي لم تصدر بشأنها أي قرارات قضائية، ومن أجل "الاستغلال السياسي" فقط.
جاء هذا التصريح من وزيرة الدفاع الإسبانية، حسب "أوروبا بريس" كرد شفوي على سؤال تقدم به ممثل حزب الـ"PP" في البرلمان، الذي ادعى أن الحكومة الإسبانية لم تقدم بعد معلومات كافية بشأن سرقة 2.5 غيغابايت من البيانات من هاتف رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، مشيرا إلى احتمال وجود علاقة بين هذه الحادثة واتخاذ قرارات استراتيجية تتعلق بالعلاقات مع المغرب.
ووفق المصدر نفسه، فإن الحزب الشعبي الإسباني، ربط في مداخلته بالبرلمان، هذه القضية بتحولات السياسة الخارجية الإسبانية، خاصة فيما يتعلق بالموقف الإسباني الجديد من قضية الصحراء، حيث لمح إلى أن تلك المواقف التي اتخذتها مدريد "لصالح" المغرب ترجع بالأساس إلى ضغوطات مارستها الرباط بالاعتماد على التجسس ببرنامج بيغاسوس.
وتجدد هذا النقاش في إسبانيا بعد أن أعادت المحكمة الوطنية فتح التحقيق في القضية أواخر أبريل الماضي، استنادا إلى معلومات جديدة تم الحصول عليها من السلطات الفرنسية، بعدما كانت قد أغلقتها مؤقتا في يوليوز 2023 بسبب غياب التعاون القانوني من إسرائيل، التي لم تستجب لطلب المساعدة القضائية المرسل إليها.
وشددت وزيرة الدفاع على ضرورة الابتعاد عن الإشارة إلى المغرب كطرف مسؤول دون أدلة قاطعة، مؤكدة أن تحديد المسؤوليات يقع على عاتق القضاء الإسباني، كما دعت إلى ضرورة الحفاظ على العلاقات الجيدة مع المغرب، باعتباره شريكا استراتيجيا لإسبانيا في المنطقة.
واعتبرت روبليس أن تجديد حزب الشعب النقاش في هذه القضية وتوجيه اتهامات للمغرب، هو "استغلال سياسي" قد تكون له تداعيات سلبية على العلاقات مع المملكة المغربية، ولا سيما أنه لا توجد أي دلائل تثبت تورط المغرب في قضية التجسس على المسؤولين الإسبان، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة بيدرو سانشيز.
جدير بالذكر أن وزيرة الدفاع، مارغاريتا روبليس، سبق أن نفت في ماي الماضي وجود أي معلومات سرية في هاتفها أو في هاتف رئيس الحكومة، بيدرو سانشيز، عندما تعرضا للتجسس ببرنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي، مشيرة إلى أن الهاتفين كانا يحتويان على معلومات شخصية فقط.
وكشفت وزيرة الدفاع عن هذه المعطيات أمام اللجنة المشتركة للأمن القومي في البرلمان الإسباني، بعدما تقرر في أواخر أبريل الماضي، إعادة التحقيق في هذه القضية التي كان قد اتُهم فيها المغرب منذ سنتين، بكونه هو الذي يقف وراء استهداف هاتف وزيرة الدفاع ورئيس الحكومة بيدرو سانشيز، ببرنامج بيغاسوس.
وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أن الحكومة الإسبانية، كانت قد رفضت توجيه أي اتهام رسمي للمغرب، في ظل عدم وجود دلائل تثبت تورط الأجهزة الأمنية المغربية في التجسس على هاتفي رئيس الحكومة ووزيرة الدفاع، بالرغم من حملات التهجم التي قادتها وسائل إعلام إسبانية وأحزاب سياسية ضد المغرب.
وكان تقرير للوكالة الإسبانية لمكافحة التجسس الذي يُغطي مراجعاتها وتحقيقاتها لسنة 2023، الذي صدر في الأسابيع الماضية، قد كشف عدم رصد أي محاولات تجسس من طرف المملكة المغربية على إسبانيا، وبالتالي برّأ هذا التقرير اسم المغرب من الاتهامات الكثيرة التي كانت قد وجهتها أحزاب سياسية إسبانية ووسائل إعلام للرباط، مدعية أنها تقف وراء التجسس على مسؤولين إسبان ببرنامج التجسس "بيغاسوس".
ووفق التقرير الذي اطلعت عليه "الصحيفة"، فإن الفصل السادس من التقرير الذي يحمل عنوان "التجسس والتدخل الأجنبي"، الواقع بين الصفحتين 95 و100، لم تتم الإشارة فيه لا من قريب أو من بعيد إلى المملكة المغربية، مما يعني أن الوكالة لم ترصد أي حالة تجسس أو تدخل في الشأن الإسباني لها علاقة بالمملكة المغربية.
وفي هذا السياق، كشف هذا الفصل من تقرير الوكالة الإسبانية لمكافحة التجسس، أن أغلب أنشطة التجسس التي تم رصدها داخل إسبانيا في 2023، كانت من أجهزة وأفراد تابعين لكل من روسيا والصين، مشيرا إلى أن روسيا ترغب في الحصول على معلومات متعلقة بالغرب بسبب حربها المستمرة على أوكرانيا، فيما تسعى الصين للحصول على معلومات متعلقة بقرارات الاتحاد الأوروبي وقرارات حلف الشمال الأطلسي.
وأشار التقرير ذاته، إلى أن أنشطة التجسس الروسية في إسبانيا شهدت بعض التراجع بعد قرار طرد 27 دبلوماسيا روسيا من التراب الإسباني في 2022، غير أن هذا النشاط من المتوقع أن يظهر بأوجه أخرى، في ظل الرغبة الروسية الجامحة للحصول على المعلومات الاستخباراتية من دول الغرب.
هذا، وشكل غياب إسم المغرب في هذا الفصل "الحسّاس" من التقرير، مفاجأة كبيرة، حسب وصف بعض الصحف الإسبانية، ولاسيما أن أغلب اتهامات التجسس المتعلقة بإسبانية في السنتين الأخيرتين، كانت موجهة بالدرجة الأولى إلى المملكة المغربية ثم روسيا، واستغلت العديد من الأحزاب السياسية هذه الاتهامات في خطاباتها المعادية للرباط.